١١ ـ وما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط ، وأنه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس ، وإنما كان ضرب الخليفتين قبله بالدِرّة والخيزران .
ثم تعاهد القوم ليدفعنَّ الكتاب في يد عثمان ، وكان ممن حضر الكتاب عمّار بن ياسر ، والمقداد بن الأسود ، وكانوا عشرة .
فلما خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان ـ والكتاب في يد عمار ـ جعلوا يتسللون عن عمار حتى بقي وحدَه ، فمضىٰ حتى جاء دار عثمان فاستأذن عليه ، فأذن له في يومٍ شاتٍ ، فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية ، فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال : أنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال : نعم ، قال : ومن كان معك ؟ قال : معي نفر تفرقوا فَرَقاً منك ! قال : ومن هم ؟ قال : أخبرك بهم . قال : فلم اجترأت عليَّ من بينهم ؟!
فقال مروان : يا أمير المؤمنين ، هذا العبد الأسود ـ يعني عماراً ـ قد جرأ عليك الناس وأنك إن قتلته نكلتَ به من وراءه . قال عثمان : إضربوه .
فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه ، فغُشي عليه ، فجرّوه حتى طرحوه على باب الدار ، فأمرت به أم سلمة زوج النبي ( ص ) فأدخل منزلها . . الخ (١) .
لقد كان المسلمون يرون في الخليفة المرشد الروحي لهم والمسؤول الأول عنهم الذي يمكن أن يضمن لهم السلامة في دينهم والسعادة في دنياهم ، وعلى هذا الأساس كانوا يتركون له كلمة الفصل في تقرير المصير فيما إذا ساءت الأيام وقست الظروف ، ويضحون بكل ما يستطيعون في سبيل إنجاح مهماته وقرارته .
أما ، وقد أمسىٰ الخليفة وأراؤه حكرا على حفنةٍ من الأقرباء ، فهذا أمر لا يكاد يرضي أحداً من الناس سيما المخلصين منهم ، بل هو نذير شؤم يهدد سلامة الأمة .
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / .