وتولية غيره . وقال سعيد بن العاص : إنك إن فعلت هذا كان أهل الكوفة هم الذين يولون ويعزلون ، وقد صاروا حلقاً في المسجد ليس لهم غير الأحاديث والخوض ، فجهزهم في البعوث حتى يكون همُّ أحدهم أن يموت على دابته .
قال : فسمع مقالته عمرو بن العاص ، فخرج إلى المسجد فإذا طلحة والزبير جالسان فيه ، فقالا له : تعال إلينا ، فصار إليهما ، فقالا : ما وراءك ؟ قال : الشر ! ما ترك شيئاً من المنكر إلا أتى به وأمر به . وجاء الأشتر فقالا له : إن عاملكم الذي قمتم فيه خطباء قد رُدّ عليكم وأمر بتجهيزكم في البعوث وبكذا وكذا . . فقال الأشتر : والله لقد كنا نشكو سوء سيرته وما قمنا فيه خطباء ، فكيف وقد قمنا ؟! وأيم الله على ذلك لولا أني أنفذت النفقة وأنضيت الظهر لسبقته إلى الكوفة حتى أمنعه دخولها ! فقالا له : فعندنا حاجتك التي تقوم بك في سفرك ! قال فاسلفاني إذن مائة ألف درهم ، قال : فأسلفه كل واحد منهما خمسين ألف درهم ، فقسمها بين أصحابه .
وخرج إلى الكوفة ، فسبق سعيداً ، وصعد المنبر وسيفه في عنقه ما وضعه بعد ، ثم قال : أما بعد ، فإن عاملكم الذي أنكرتم تعديه وسوء سيرته ، قد رد عليكم وأمر بتجهيزكم في البعوث ، فبايعوني على أن لا يدخلها . فبايعه عشرة آلاف من أهل الكوفة ، وخرج راكباً متخفياً يريد المدينة أو مكة ، فلقي سعيداً بواقعة ( اسم مكان ) فأخبره بالخبر ، فانصرف إلى المدينة .
وكتب الأشتر إلى عثمان : إنا والله ما منعنا عاملك الدخول لنفسد عليك عملك ، ولكن لسوء سيرته فينا وشدة عذابه ، فابعث إلى عملك من أحببت .
فكتب إليهم : انظروا من كان عاملكم أيام عمر بن الخطاب فولوه .
فنظروا ، فإذا هو أبو موسى الأشعري . فولوه عليهم .
مروج الذهب ٢ / ٣٣٦