غلبته ، ويسبقك من سبقته ، انظر ما ترى وما تفعل ، فأما أنا فلا أكون إلا في الرعيل الأول .
فقال له المغيرة ، يا أبا اليقظان ، إياك أن تكون كقاطع السلسلة فرَّ من الضحل فوقع في الرمضاء .
فقال عليٌّ ( ع ) لعمّار : دعه ، فانه لن يأخذ من الآخرة إلا ما خالطته الدنيا ، أما والله يا مغيرة إنها المثوبة المؤدية تؤدي من قام فيها إلى الجنة (١) .
موقف عائشة من علي
وكانت عائشة بمكة خرجت قبل أن يُقتل عثمان ، فلما قضت حِجّها انصرفت راجعةً ، فلما صارت في بعض الطريق لقِيهَا ابنُ أمّ كلاب ، فقالت له : ما فعل عثمان ؟ قال : قُتل . قالت : بُعداً وسحقا ! قالت : فمن بايع الناسُ ؟ قال : طلحة . قالت : إيهاً ذو الإِصبع .
وحين بلغها مبايعة الناس لعلي قالت : ما كنتُ أبالي أن تقع السماء على الأرض ، قُتِل ـ يعني عثمان ـ والله مظلوماً وأنا طالبة بدمه (٢) .
فقال لها عبيد : إن أول من طعن عليه واطمع الناس فيه لأنت ، ولقد قلت : اقتلوا نعثلاً فقد فجر ! فقالت عائشة : قد والله قلتُ وقال الناسُ ، وآخر قولي خير منه .
فقال عبيد : عذرٌ والله ضعيفٌ يا أم المؤمنين ، ثم قال :
مِنكِ البداءُ ومنكِ الغِيَرْ |
|
ومِنكِ الرياح ومنكِ المَطَر |
وأنتِ أمرتِ بقتلِ الإِمام |
|
وقلتِ لنا إنه قد فجَر |
فهبنا أطعناك في قتله |
|
وقاتلُهُ عندنا من أَمر |
وخرجت باكية تقول : قتل عثمان رحمه الله . فقال لها عمار : بالأمس
__________________
(١) الإمامة والسياسة / ٥٠ .
(٢) اليعقوبي ٢ / ١٨٠ .