« بين عائشة وأم سلمة »
وأقبلت عائشة حتى دخلت على أم سَلَمة زوج النبي ( ص ) وهي يومئذٍ بمكة وطلبت منها الذهاب معها إلى البصرة .
فقالت أم سلمة : يا بنت أبي بكر ، بدم عثمان تطلبين ؟! والله لقد كنتِ من أشد الناس عليه ، وما كنتِ تسميه إلا نعثلاً ، فما لَكِ ودم عثمان ؛ وعثمانُ رجل من عبد مناف وأنت امرأة من بني تميم بن مرة !؟ ويحك يا عائشة ، أعلىٰ عليّ ، وابن عم رسول الله ( ص ) تخرجين وقد بايعه المهاجرون والأنصار ؟؟!
ثم جعلت تذكرها فضائل علي . وعبد الله بن الزبير على الباب يسمع ذلك كله فصاح بأم سلمة وقال : يا بنت أبي أمية ، إنا قد عرفنا عداوتك لآلِ الزبير . فقالت أم سلمة : والله لتوردنّها ثم لا تصدرنّها أنتَ ولا أبوك ، أتطمع أن يرضىٰ المهاجرون والأنصار بأبيك الزبير وصاحبه طلحة ، وعليُّ بن أبي طالب حيٌّ ، وهو وليّ كل مؤمنٍ ومؤمنة !؟
فقال عبد الله : ما سمعنا هذا من رسول الله ( ص ) ساعةً قط .
فقالت أم سلمة رحمة الله عليها : إن لم تكن أنت سمعتهُ ، فقد سمعتْهُ خالتُكَ عائشة . وها هي فاسألها . فقد سمعته ( ص ) يقول : عليٌّ خليفتي عليكم في حياتي ومماتي فمن عصاه فقد عصاني ، أتشهدين يا عائشة بهذا أم لا ؟ فقالت عائشة : اللهم نعم . فقالت أم سلمة : فاتق الله يا عائشة في نفسك واحذري ما حذرك الله ورسوله ( ص ) ولا تكوني صاحبة كلاب الحوأب ، ولا يغرّنّكِ الزبيرُ وطلحة ، فانهما لا يُغنيانِ عنكِ من الله شيئاً . فخرجتْ من عندها وهي حنقةٌ عليها .
وأذّن مؤذن طلحة والزبير بالمسير إلى البصرة ، فسار الناسُ وسارت معهم عائشة وهي تقول : اللهم إني لا أريد إلا الإِصلاح بين المسلمين فأصلح بيننا إنك على كل شيء قدير .