خليليّ إني قد أرقتُ ونِمتما |
|
لبرقٍ يمانٍ فاقعدا علّلانيا |
خليلي لو كنتُ الصحيحَ وكنتما |
|
سقيمينِ لم أفعل كفعلكما بيَا |
خليلي مُدا لي فراشي وارفعا |
|
وِسادي لعلّ النومَ يُذهب ما بيا |
خليليّ طال الليلُ والتبس القذىٰ |
|
بعيني واستأنستُ برقاً يمانيا (١) |
وسُميت بلاد اليمن باليمن الخضراء ، وذلك لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها ، وكانت لها قبل الإِسلام مكانة ميّزتها عن الكثير من بلاد العالم ، مكانة حضارية وإقتصادية وثقافية ، فهي بالإِضافة إلى كونها متاخمةً للمحيط الهندي كانت ذات مدائن عامرة ومعابد ، وكان سكانها من بني حِمْيَرْ ذوي فطنة وذكاء وعلم ، كشف عن ذلك إقامتهم للسد المسمى بسدِّ ( مأرِبْ ) حيث تم لهم بواسطته الإِستفادة من مياه الأمطار التي كانت تذهب في البحر ، وإن ما كشف وما لا يزال يُكشف عنه حتى اليوم من آثار هذه الحضارة الحِمْيَريّة في اليمن ، ليدل على أنها بلغت في بعض العصور مكاناً محموداً ، وأنها ثبتت لقسوة الزمان ، في عصور قسا على اليمن فيها الزمان .
غير أن الحياة الدنيا لا تستقيم على حال ، فلقد تغير وجه اليمن الحضاري المشرق ، وبدأت الكآبة تترك بصماتِها واضحة فيه ، أخاديد مهزوزة غمرها الجفاف بعد أن غمرتها الحياة ، فلقد قوّض ذلك السد الهائل الذي كان يمنح الخضرة والنظرة والبهاء لأرض اليمن ، وبذلك إنتهى أول مصدر حيويٍّ لها . ومعه بدأت الحضارة بالتقلّص والإِنكماش ، وبدأ البؤس والشقاء بالتمدد ، بؤساً وشقاءً يوغلان في العباد والبلاد ، وبذلك عادت اليمن إلى مصاف شقيقاتها من أصقاع شبه الجزيرة العربية ، لكنها مع ذلك إستطاعت أن تحتفظ بموقعها التجاري الذي يربط بين فارس والروم ، ولكن لفترة غير طويلة ، فقد رأى ملك الروم أن اليمن موطن نزاع بينه وبين فارس ، وأن تجارته مهددة من جراء هذا النزاع ، فأمر بتجهيز أسطول يشق البحر
__________________
(*١) الكندر ـ بالضم ـ ضرب من العلك . والخِطْرُ : نبات يُختضب به ، أو الوسمة . العَصَب : شجر اللبلاب .