ومع ذلك ، فقد أوعز إلى ولديه الحسن والحسين عليهما السلام أن يكونا في جملة المدافعين عنه (١) .
هذا كله ، بالإِضافة إلى أنه ( ع ) لم يكن يملك القوة الضاربة ليمنع حصول ما وقع بل كان مكفوف اليد تماماً ، وحتى بعد مبايعته بالخلافة طولب من قبل بعض الصحابة بمعاقبة من أجلب على عثمان ، فقال :
« يا اخوتاه ، اني لست أجهل ما تعلمون ، ولكن كيف لي بقوةٍ والقوم المجلبون على حدّ شوكتهم ، يملكوننا ولا نملكهم ! وها هم أولاء قد ثارت معهم عبدانكم ، والتفت إليهم أعرابكم ، وهم خلالكم يسومونكم ما شاؤوا ، وهل ترون موضعاً لقدرةٍ على شيء تريدونه ! » (٢) .
ومن الممكن القول أن علياً ( ع ) حينما يتخذ موقفاً من قضيةٍ ما ، فانه إنما يتعامل معها من موقع الإِمام المعصوم العادل ، وبذلك لا يكون بحاجةٍ إلى محامٍ أو مدافع يبرر له مواقفه وقراراته .
بعد هذا العرض المبسط يمكننا أن نستخلص الأسباب التي دفعت بطلحة والزبير إلى إخراج عائشة أم المؤمنين والتمرد على خلافة علي ( ع ) وتجييش الناس عليه ، وانتهاء الأمر بحرب « الجمل » التي قدمنا ذكرها والتي انتهت بنصره ( ع ) ، فان الدوافع لهم على ذلك كانت محض شخصية تتحكم فيها الأنانية والرغبة في الحكم .
كما تتضح لنا أسباب حرب « صفين » التي انتهت بالتحكيم . هذه الحرب المدمرة التي شنها معاوية ومن معه من الأمويين وأتباعهم ضد علي وضد خلافته وضد من كانوا معه من المهاجرين والأنصار .
فالمعلوم الواضح أن معاوية كان أحد الرموز التي أصر الإِمام على
__________________
(١) قال الشيخ محمد عبدة ، أما نهيه عن قتله بلسانه فهو ثابت ، وهو الذي أمر الحسن والحسين أن يذابا عنه .
(٢) النهج ٢ / ٨٠ ـ ٨١ .