عمار بن ياسر ؟
قال : ما أنا مخبرك حتى تخبرني ، لم تسأل عنه ومعنا من أصحاب محمد ( ص ) عدة غيره ، وكلهم جاد على قتالكم .
فقال عمرو : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إن عماراً تقتله الفئة الباغية ، وأنه ليس لعمّار أن يفارق الحق ، ولن تأكل النار من عمّار شيئاً .
فقال له أبو نوح : لا إله إلا الله والله أكبر ، والله إنه لفينا ، جادٌّ على قتالكم ! ولقد حدثني يوم الجمل أنا سنظهر على أهل البصرة ، ولقد قال لي أمس أنكم لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر ، لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل ، ولكانت قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار .
قال عمرو : فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه ؟ قال : نعم .
فركب عمرو بن العاص في اثني عشر فارساً ، وركب عمار بن ياسر في اثني عشر فارساً ، فالتقوا حتى اختلفت أعناق الخيل ، خيل عمار وخيل عمرو ، ونزل القوم واحتبوا بحمائل سيوفهم ، وأراد عمرو بن العاص أن يتكلم وبدأ بالشهادتين ، فقاطعه عمار وقال له :
اسكت ، فلقد تركتها وأنا أحق بها منك ، فإن شئت كان خصومةً فيدفع حقنا باطلك ، وإن شئت كانت خطبةً فنحن أعلم بفصل الخطاب منك ، وإن شئت أخبرتك بكلمةٍ تفصل بيننا وبينك ، وتكفرك قبل القيام ، وتشهد بها على نفسك ولا تستطيع أن تكذبني فيها .
فقال عمرو : يا أبا اليقظان ، ليس لهذا جئت ، إنما جئت لأني رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم ، أذكرك الله إلا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم ، وحرصت على ذلك ، فعلام تقاتلوننا ؟ أو لسنا نعبد إلهاً واحداً ونصلي إلى قبلتكم وندعو دعوتكم ، ونقرأ كتابكم ، ونؤمن بنبيكم ؟!
فقال عمار : الحمد لله الذي أخرجها من
فيك ، إنها لي ولأصحابي ، القبلة والدين وعبادة الرحمان ، والنبي والكتاب من دونك ودون أصحابك .