المؤمنين ، إن قوماً أنست بهم وكنت في هذه الجولة فيهم لعظيم حقهم ، والله إنهم لصُبرٌ عند الموت ، أشداء عند القتال .
فدعا علي ( ع ) بفرس رسول الله ـ المرتجز ـ فركب ، ثم تقدم أمام الصفوف ، ثم قال : بل البَغلةَ ، بل البَغلة ، فقدمت له بغلة رسول الله ( ص ) وكانت شهباء فركبها ، ثم تعصب بعمامة رسول الله ( ص ) وكانت سوداء ، ثم نادى : أيها الناس ، من يشر نفسه لله يربح ، إن هذا اليوم له ما بعده ، إن عدوكم قد مسه القرح كما مسّكم ، فانتدبوا لنصرة دين الله .
فانتدب له ما بين عشرة آلاف إلى اثني عشر ألفاً قد وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فشد بهم على أهل الشام وهو يقول :
دُبوا دبيبَ النمل لا تفوتوا |
|
وأصبحوا في حربكم وبيتوا |
حتى تنالوا الثأرَ أو تموتوا |
|
أو لا فاني طالما عُصيتُ |
قد قلتم لو جئتنا فجيتُ |
|
ليس لكم ما شئتم وشيتُ |
|
بل ما يريد المحيي المميتُ |
|
وتبعه عديّ بن حاتم بلوائه وهو يقول :
أبعد عمّار وبعد هاشم |
|
وابن بديل فارس الملاحم |
نرجوا البقاء ظل حلم الحالم |
|
لقد عضضنا أمس بالأباهم |
فاليوم لا نقرع سِنَّ نادم |
|
ليس امرؤ من حتفه بسالم |
وحمل ، وحمل الأشتر بعدهما في أهل العراق كافة ، فلم يبق لأهل الشام صفٌّ إلا إنتقض ، وأهمد أهل العراق ما أتوا عليه حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية ، وعلي ( ع ) يضرب الناس بسيفه قدماً قدما ، ولا يمر بفارسٍ إلا قدَّه وهو يقول :
اضربهم ولا أرىٰ معاوية |
|
الأخزر العين العظيم الحاوية |