الإِجتماعية ، إذا كان يغلب على تصرفاته طابع اللامبالاة مع إبداء القوة والقدرة حين يستدعي الأمر ذلك . فهو على جانب من السعة في الثراء ، والنفوذ ، فقَبل الحلف مع ياسر ، وأصبح ياسر في غبطةٍ من العيش في ظل هذا الشيخ .
وكان لأبي حذيفة أمَةٌ يقال لها سُميّة ، أدبها الغنى وأذلها الرق ، فكانت على جانب من العقل والوقار ، إلى شيء من الجمال الهادىء الوديع ، وهي لا زالت في مقتبل العمر ، فأحبها ياسر ، وعلق قلبه بها ، ولم يكن ذلك ليخفى على الشيخ ، فقد كان يقرأ في وجه حليفه الرغبة في التزويج منها ، فزوجه إياها .
ظل ياسر مع زوجه سمية يمنحها الحب والحنان ، ويزرع في عينيها أزاهير الرجاء من جديد بعد أن أمحلت الدنيا فيهما ، فهي لم تكن سوى أمةٍ مملوكة تسير في متاهات العبودية ، ترى الحياة أمام عينيها قيوداً وحواجز وسدوداً ، فهي لا تملك حتى أبسط حقوق الإنسان ، بل لا تملك حتى إرادتها في تقرير المصير ، وها هي الآن تشم رائحة الحرية وتتنسم عبيرها مع زوجها ياسر ، وكأنها ترى فيه ملاكاً أرسلته السماء إليها لخلاصها وإنقاذها .
وحملت سمية بعمار ، فأقبلت إلى ياسر تسر إليه بالبشرى ، وكم كان جذلاً فرحاً بذلك إلا أن الحمل ربما كان أنثى !! لم تطل الفرحة ، فالأنثى في منظور الجاهليين عار يضاف إلى تعاسة الفقراء ، وذلٌّ يضاف إلى عز الأغنياء ، رغم أنهم لولاها ما وجدوا ولا كانوا ولا عرفوا طعم الحياة .
وأطرق ياسرٌ إلى الأرض في دوامةٍ من التفكير تركته يتأرجح بين اليأس والرجاء ما لبث بعدها أن رفع رأسه ، والتفت إلى سمية : من يدري ، ربما كان ذكراً . . . سأسميه عمّاراً !
ولا يُسرّ ياسر في نفسه أمله ورغبته في
أن يكون الحمل ذكراً . . . لا يُسّرُّ ذلك طويلاً . فكان كلما حملته قدماه إلى البيت ، بيت الله ، ومقام