محمدٍ ، وأكثرهم سخريةً واستهزاءً به ، وكانوا يوكلون به صبيانهم وعبيدهم فيلقونه بما لا يحب .
ففي ذات يوم نحروا جزوراً بالحزورة (١) ورسول الله ( ص ) قائم يصلي ، فأمروا غلاماً لهم فحمل السلى والفرث حتى وضعه بين كتفيه وهو ساجد !
فانصرف ( ص ) وأتى عمه أبا طالب ، فقال : كيف موضعي فيكم ؟ قال : وما ذاك يا بن أخي ؟ فأخبره ما صُنع به .
فأقبل أبو طالب آنذاك مشتملاً على السيف ، يتبعه غلام له ، فاخترط سيفه وقال مخاطباً إياهم : والله لا تكلم رجل منكم إلا ضربته ، ثم أمر غلامه ، فأمرَّ ذلك السلى والفرث على وجوههم واحداً واحداً . . فقالوا : حسبك هذا فينا يا بن أخينا . . ؟!
وفي الليلة التي أسري به ( ص ) إلى السماء ، افتقده أبو طالب ، فخاف أن تكون قريش قد إغتالته أو قتلته ، فجمع سبعين رجلاً من بني عبد المطلب معهم الشفار ، وأمرهم أن يجلس كل منهم إلى جانب رجل من قريش ، وقال لهم : إن رأيتموني ومحمداً معي فأمسكوا حتى آتيكم . وإلا فليقتل كل رجلٍ منكم جليسه ولا تنتظروني ، ثم مضى ، فما لبث أن وجدوه واقفاً على باب أم هانىء ، فأتى به بين يديه حتى وقف على قريش فعرفهم ما كان منه ، فأعظموا ذلك ، وجلَّ في صدورهم ، وعاهدوه وعاقدوه أن لا
__________________
= ومر به الأسود بن المطلب فأشار إلى عينه فعمي . وقيل رماه بورقة خضراء فعمي وجعل يضرب رأسه على الجدار حتى هلك ومرّ به الأسود بن عبد يغوث ، فأشار إلى بطنه فاستسقى فمات . وقيل أصابه السموم فصار أسود فلم يعرفوه فمات وهو يقول ! قتلني رب محمد .
ومرّ به الحارث بن الطلاطلة فأومأ إلى رأسه فامتخط قيحاً فمات . وقيل : أن الحرث بن قيس أكل حوتاً ( سمكاً ) مالحاً فأصابه العطش فما زال يشرب حتى أنقد بطنه فمات » وذلك بدعوة نبينا محمد ( ص ) عليهم لشدة ما كانوا يؤذونه به .
(١) الحزورة : مكان .