والإِرشادات ، إلا أن للمسجد ميزة خاصة هي كونه « جامعة » لا تستثني أحداً من طلابها صغاراً كانوا أم كباراً ، فالثقافة للمجتمع والعبادة لله .
لذلك أمر رسول الله ( ص ) ببناء مسجده في المكان الذي بركت فيه ناقته ويقال له « المربد » وكان لغلامين يتيمين من الأنصار ، فدعا رسول الله ( ص ) بالغلامين فساومهما عليه ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله ، فأبى رسول الله إلا أن يدفع لهما الثمن ، ثم أمر المسلمين بأن يقطعوا جذوع النخل من مكانٍ يقال له الحديقة وأمر باللبن فضُرب ، وكان في المربد قبور جاهلية ، فأمر بها فنبشت ، وأمر بالعظام أن تغيّبْ ، وجعل طوله مائة ذراع وعرضه كذلك . وقيل أقل من ذلك (١) .
وحينما بدأ العمل في بناء المسجد المطهر ، جعل القوم يحملون وجعل النبي ( ص ) يحمل هو وعمّار ، فجعل عمّار يرتجز ويقول :
نحن المسلمون نبتني المساجدا . .
والرسول يردد : المساجدا ! . .
وفي رواية : كان كل واحدٍ من المسلمين يحمل لبنة لبنة وحجراً حجراً وعمار يحمل حجرين ولبنتين ، فرآه النبي ( ص ) فقال : ألا تحمل كما يحمل أصحابك ؟ فقال : يا رسول الله ، أريد الأجر والثواب . فجعل رسول الله ( ص ) ينفض التراب عن رأس عمّار ويقول :
« ويحك يا عمّار تقتلك الفئة الباغية ، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار » وكان يرتجز وهو يعمل في بناء المسجد فيقول :
لا يستوي من يعمر المساجدا |
|
يظل فيها راكعاً وساجدا |
ومن تراه عانداً معاندا |
|
عن الغبار لا يزال حايدا (٢) |
__________________
(١) راجع الطبقات ١ / ٢٣٩ .
(٢) عمار بن ياسر ص ٢٥ ، وقد ورد هذا المضمون بنصوص مختلفة فعن أبي سعيد الخدري : جعلنا نحمل لبنةً لبنة وجعل عمار يحمل لبنتين . . إلى أن قال : إن النبي جعل ينفض التراب عن رأسه ويقول : ويحك ابن سمية ، تقتلك الفئة الباغية راجع الطبقات ٣ / ٢٥١ وغيرها .