يوهم بدواً بأن المسلمين هم البادؤون فانه بعد التدقيق نجد أن الأمر على العكس بل إن تحركهم إنما يكون نتيجةً لما يبلغهم من نكثٍ للعهود ، أو تجميع للقوى المعادية للمسلمين مما يدفعهم للأخذ بزمام المبادرة لا أكثر .
وكان عمار بن ياسر ممن شهد مع رسول الله ( ص ) بدراً وأبلى فيها بلاءً حسناً كما ساهم في حرب « الخندق » ، وبينما المسلمون منشغلون بحفره ورسول الله يعاطيهم حتى أغبر صدره وهو يقول :
اللهم ان العيش عيش الآخرة |
|
فاغفر للأنصار والمهاجرة |
إذ يجيء عمار فيلتفت إليه النبي ( ص ) ويقول : تقتلك الفئة الباغية !! (١) وابلى في ذلك اليوم بلاء حسناً ، بل « وشهد المشاهد كلها مع رسول الله ( ص ) » (٢) شأنه في ذلك شأن النخبة من الصحابة رضوان الله عليهم الذين بذلوا وضحوا من أجل أن ينتشر هذا الدين وتتركز دعائمه وبالتالي تصبح الشريعة الإِسلامية هي القانون الذي باركته السماء لأهل الأرض ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ . . وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (٣) .
__________________
(١) الطبقات ٣ / ٢٥١ .
(٢) الإِصابة ٢ / ٤٨١ .
(٣) آل عمران ١٩ ـ و ٨٥ .