ملاحظاتهم وآرائهم بقلبٍ مفتوح كما كان يفعل صاحباه من قبل ، لكي تبقى للخلافة هيبتُها وللمسلمين وحدتهُم ، لكنه تهاون أزاء ذلك فأدى تهاونه إلى ما انتهت إليه الأمور من خسارةٍ وتمزيق .
لقد كان تسامحه مع أهل بيته وأقربائه وحبه لهم وتقريبه إياهم هو السببُ الأول في تحويل مركز الخلافة إلى سلطةٍ زمنية أهملت الكثير من توجيهات القرآن وتعاليم الإِسلام . ويصف المؤرخون عثمان بأنه « كن جواداً وصولاً بالأموال ، وقدم أقاربه وذوي رحمه على سائر الناس ، وسوى بين الناس في الأعطية ، وكان الغالب عليه مروان بن الحكم وأبو سفيان بن حرب (١) .
كما كان إلى جانب ذلك يستخفُّ بصيحات الصحابة من المهاجرين والأنصار ، ويضع من قدرهم ما استطاع ، ويرد على من ينتقدُ وُلاتَهُ وعمّاله من زعماء الأمصار وقادتهم بالتجريح تارةً ، وبالنفي والإِذلال إذا رأى في ذلك رادعاً .
ولنلقي الآن نظرةً سريعةً تجاه سياسة عثمان المالية ، والإِدارية ، والتأديبية .
__________________
(١) اليعقوبي ٢ / ١٧٣ .