على الناس ، وليس كل الناس يعلم ما يريدون وإنما يريدون فرقة ، ويقربون فتنة ، قد أثقلهم الإِسلام وأضجرهم ، وتمكنت رُقىٰ الشيطان من قلوبهم ، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة ، ولستُ آمن إن أقاموا وسط أهل الشام أن يغرّوهم بسحرهم وفجورهم ، فارددهم إلى مصرهم ، فلتكن دارهم في مصرهم الذي نجم فيه نفاقهم . والسلام .
فكتب إليه عثمان يأمره أن يردَّهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة ، فردهم إليه ، فلم يكونوا إلا أطلق ألسنةً منهم حين رجعوا . وكتب سعيد إلى عثمان يضج منهم . فكتب عثمان إلى سعيد أن سيّرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ـ وكان أميراً على حمص .
وهؤلاء النفر هم : مالك الأشتر (١) وثابت بن قيس الهمداني وكميل بن زياد النخعي ، وزيد بن صوحان وأخوه صعصعة ، وجندب بن زهير الغامدي ، وحبيب بن كعب الأزدي ، وعروة بن الجعد ، وعمرو بن الحمق الخزاعي .
وكتب عثمان إلى الأشتر وأصحابه : أما بعد ، فإني قد سيّرتكم إلى حمص ، فإذا أتاكم كتابي هذا فاخرجوا إليها ، فإنكم لستم تألون الإِسلام وأهله شراً . والسلام .
فلما قرأ الأشتر الكتاب قال : اللهم أسوأنا نظراً للرعيّة ، وأعملنا فيهم بالمعصية ، فعجّل له النقمة .
فكتب بذلك سعيد إلى عثمان ، وسار الأشتر وأصحابه إلى حمص فأنزلهم عبد الرحمان بن خالد الساحل وأجرى عليهم رزقاً .
وروى الواقدي : أن عبد الرحمان بن خالد جمعهم بعد أن أنزلهم أياماً وفرض لهم طعاماً ثم قال لهم : يا بني الشيطان ! لا مرحباً بكم ولا أهلاً ، قد
__________________
(١) راجع ترجمته .