لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ) (١) الآية وقوله ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) (٢).
وأمثال ذلك من الآيات والإخبار بما يكون مستقبلا ووقوع ذلك أجمع مطابقا للخبر مع علمنا بوقوف ذلك عليه تعالى.
وهذه الأخبار إنما تدل على صدق المخبر بعد وقوع المخبر عنه ولا يجوز أن يجعلها دلالة على افتتاح الدعوة لتأخرها عنها.
وأما دلالة الآيات الخارجة من القرآن الدالة على نبوته عليه السلام ، فتفتقر إلى شيئين :
أحدهما : إثبات كونها.
الثاني : كونها معجزات.
والدلالة على الأول : أنا نعلم وكل مخالط لأهل الإسلام تعين الناقلين من فرق المسلمين وانقسامهم إلى شيعة وغيرهم وبلوغ كل طبقة في كل زمان حدا لا يجوز معه الكذب وإخبار من بينا من الفريقين عن أمثالهم وأمثالهم عن أمثالهم حتى يتصلوا بمن هذه صفته من معاصري النبي عليه السلام.
وأنه انشق له القمر وردت الشمس ونبع الماء من بين أصابعه وأشبع الجماعة بقوت واحد مع حصول العلم بتميز أزمانهم ووجود من هذه صفته في كل زمان وذلك يقتضي صدقهم لأن الكذب لا يتقدر فيمن بلغ مبلغهم إلا بأمور إما باتفاق من كل واحد أو بتواطؤ أو بافتعال من نفر يسير وانتشاره فيما بعد.
والأول ظاهر الفساد لأن العادة لم تجر بأن ينظم شاعر بيتا فيتفق نظم مثله لكل شاعر في بلده فضلا من شعراء أهل الأرض.
والثاني يحيله تنائي ديارهم واختلاف أغراضهم وعدم معرفة بعضهم
__________________
(١) النور ٢٤ : ٥٥.
(٢) النصر ١١٠ : ١.