لبعض ولو جاز لوقع العلم به ضرورة لأنه لا يكون إلا باجتماع في مكان واحد أو بتكاتب وتراسل وكل منهما لو وقع من الجماعات المتباعدة الديار لحصل العلم به لكل عاقل.
وافتعاله ابتداء بنفر يسير وانتشاره فيما بعد يسقط من وجهين.
أحدهما : تضمن نقل من ذكرناه صفة الناقلين واتصالهم بالنبي لصفتهم المتعذر معها الافتعال في المنقول فما منع من كذبهم في النقل للخبر يمنع منه في صفة الناقلين.
والثاني : أن النقل لهذه المعجزات لو كان مفتعلا من نفر يسير ثم انتشر لوجب أن نميزهم بأعيانهم ونعلم الزمان الذي افتعلوه فيه حسب ما جرت به العادات في كل مفتعل مذهبا كملكا ويعقوب ونسطور ومنتحلي الإنجيل كمتى ولوقا وينا (١) ـ وكمنشئي القول بالمنزلة بين المنزلتين من واصل وعمرو بن عبيد وما أفتاه جهم بن صفوان وما ابتدعه أبو الحسن الأشعري وما اخترعه ابن كرام وتميز الأوقات بذلك وتعين المحدث فيها.
وإذا وجبت هذه القضية في كل مفتعل وفقدنا العلم والظن بمفتعل هذه الآيات وزمان افتعالها بطل كونها مفتعلة وإذا تعذرت الوجوه التي معها يكون الخبر كذبا في مخبر الناقلين لأيام النبي ثبت صدقهم.
وأما الدلالة على الثاني فهو : أن كل متأمل يعلم تعذر رد الشمس وانشقاق القمر على كل محدث وأما نبوع الماء من بين الأصابع فمختص بإيجاد الجواهر وما فيها من الرطوبات التي لا يتعلق بمقدور محدث وكذلك القول في إشباع الخلق الكثير بيسير الطعام وهو لا محالة مستند إلى ما لا يقدر عليه قوله (٢) تعالى لرجوعه إلى إيجاد الجواهر المماثلة للمأكول مع علمنا بتعذرها
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) في النسخة : « قوله ».