كذبا من حيث كان ظاهره يقتضي جهل العباس رضي الله بالنص المعلوم لنا اليوم ولمن يتجدد إلى يوم القيامة حسب ما وضحت الحجة به لكل متأمل لا يجوز على العباس جهلها.
على أنه لو كان ثابتا لكان الوجه في سؤاله لعلي عليه السلام استعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الأمر وهل يصير إلى المستحق له بالنص أم يدفع عنه فامتنع عليه السلام من ذلك لعلمه بإعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بخروج الأمر عنه إلى القوم المخالفين لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله من خلافته عليهم لئلا يخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ظاهرا فيظن من لا بصيرة له أن ذلك نص فتحصل شبهة فلذلك ما (١) عدل عن إجابة العباس رضياللهعنه إلى ما سأل وليس في امتناعه عليه ولا قول العباس له دلالة على عدم النص لما بيناه من ثبوته واحتمال قول العباس لما يوافق الثابت بالأدلة.
وأما امتناعه من بيعة العباس وأبي سفيان فلأنه عليه السلام رأى بشاهد الحال فسادا في بيعتهم إما لأنه صلى الله عليه وآله لو بايع للزمه القيام بما لا ناصر له عليه أو لخوف ضرر ممن تم له السلطان بمظاهرته بالمناقشة له في سلطانه ببيعة ذين الرجلين المعظمين في قومهما ألا ترى إلى لجاجهم في بيعته خوفا منه وإلجائه إليها مع إظهار الإمساك ولزوم منزله فكيف به لو علم كونه مبايعا لنفسه فلذلك ما عدل (٢) عن بيعتهما.
وأما دخوله في الشورى فللضرورة الداعية إلى ذلك إذ كان العاقد لها موجبا على القوم الذين يخبرهم (٣) الدخول فيها وهو ممن قد علمت حاله وشديد
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) كذا في النسخة.
(٣) يحتمل في النسخة : « يجيزهم ».