السكينة المقارنة للطمأنينة والنصر ، المثاب عليهم بالفتح القريب الكائن بهم وعلى أيديهم ، ولم يحصل القوم بحمد الله من هذه الصفات شيء غير ظاهر البيعة ، لتعرّيهم من الإيمان وإيقاع البيعة لوجهها بحجّة النص الكاشف عن كفرهم ، وانتفاء السكينة عنهم ، ونكث البيعة للهزيمة الواقعة منهم ، وتعرّيهم بالفتح من الفرار.
وإذا ثبت هذا ، فنحن وإن شككنا في خروج كثير من المبايعين عن هذا الرضوان أو دخولهم فيه ، فلسنا نشكّ في خروج القوم الّذين ادعي توجّه الرضوان إليهم عنه بخروجهم عن صفات المرضيّ عنهم في الآية ، ويخصّص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام به ومن كان في حيزه من المؤمنين ، لثبوت الصفات له بإجماع.
ومنه : قوله تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) (١).
قالوا : فأخبر سبحانه بالمغفرة للّذين معه وهم أصحابه ، وذلك ينافي قولكم بضلالهم والمبايع لهم.
والجواب من وجوه :
منها : أنّه تعالى لم يرد بقوله : ( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) في الزمان ولا المكان ولا على ظاهر الاسلام ، لأنه لا مدحة في ذلك ، والآية مختصّة بمدح المذكور فيها والقطع على ثوابه ، وذلك يدل على إرادته سبحانه بـ ( الَّذِينَ مَعَهُ ) المؤمنين حقا ، فليدلّ الخصوم على ثبوت إيمان من جعلوا الآية مدخوله عند الله ، ليسلم لهم الظاهر ، بل ثبوته مغن في المقصود عنه باجماع ، ولن يجدوه ، بل الثابت ضلالهم بالبرهان المانع من ثبوت البرهان واستحقاق الرضوان.
__________________
(١) الفتح ٤٨ : ٢٩.