ومنها : أنّ المذكورين فيها موصوفون بصفات معلوم خلوّ القوم منها ، وتكاملها لأمير المؤمنين وحمزة عليهمالسلام ، وخاصّة شيعتهم ، كعمّار وأبي ذر ومقداد وسلمان وأبي وابن مسعود وبريدة وجابر وخزيمة وسعد وولده قيس وسعد بن معاذ وفي أمثالهم ، فيجب إخراجهم من حكمها وتخصيصه بهؤلاء.
فمن ذلك : وصفهم بالشدّة على الكفار ، وكلّ متأمّل يعلم خلوّهم من ذلك.
ومنه : الرحمة بأهل الإيمان ، وقد بينا كونهم بخلاف ذلك.
ومنه : ابتغاؤهم بالطاعات فضل الله ورضوانه ، ولا يكون كذلك من تخلّف عن أسامة ، ولم يحضر جهاز رسول الله صلىاللهعليهوآله رغبة في الدنيا ، وجعل أفعال الآخرة يوم السقيفة ذريعة إلى الخلافة ، وصادر العمّال ، واقترض من بيت المال ، وخصّ بمال الله بني أميّة أعداء الدين في الجاهليّة والاسلام ، إلى غير ذلك مما سطرناه ، وحال متّبعهم في ذلك كحالهم.
ومنه : وصفهم بالنصر لله ولرسوله عليهالسلام ، وذلك مختصّ بالجهاد وبذل الأنفس والأموال فيه ، وليسوا كذلك بغير إشكال.
وهذه الصفات متكاملة فيمن ذكرناه ، فيجب توجه المدحة إليهم دون هؤلاء الضلال.
ومن ذلك قوله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) (١).
قالوا : والمتقدّمون على أمير المؤمنين عليهالسلام وأكثر من عقد لهم وبايعهم من جملة هؤلاء المذكورين ، وقد أخبر سبحانه برضاه عنهم واستحقاقهم الثواب ، وذلك مناف لما يقولونه فيهم.
والجواب من وجوه :
أحدها : أنّ الوعد في الآية متوجّه إلى من وقع سبقه واتباعه لوجهه المخصوص
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٠٠.