استيناف مثله.
وإن أراد المستقبل ، فباطل من وجهين :
أحدهما : أنّ ظاهر قوله عليهالسلام : غفر ، إخبار عن ماضي لا يجوز حمله على مستقبل إلاّ بدليل.
الثاني : أنّ القطع على غفران المستقبل على كلّ حال لمن ليس بمعصوم إغراء بالقبح ، وأكثر أهل بدر غير مقطوع على عصمتهم ، لوقوع القبح منهم ، والإغراء لا يجوز عليه تعالى.
وأما ما رووه ثالثا ، فباطل من وجوه :
منها : قيام البرهان على ضلال القوم المتقدّمين في مقام النبوة ومتبعيهم على ذلك.
ومنها : أنّه عليهالسلام لا يجوز أن يحكم بهداية المقتدي به [ غير ] معصوم ، ولا أحد قطع على عصمة من ذكروه ، فيجب توجّهه إلى أئمتنا عليهمالسلام ، لثبوت عصمتهم بالأدلّة.
ومنها : أنه لا يخلو أن يريد جميع الصحابة ، أو بعضهم.
فإن أراد البعض ، فعليهم أن يدلّوا على أنّ القوم المقتدين (١) من جملة ذلك البعض ، وأنّى لهم به.
وإن أراد الجميع ، فالمعلوم ضرورة خلافه ، لوقوع القبح من أكثرهم ، كطلحة والزبير وقدامة بن مظعون المستحلّ الخمر ، ومالك بن نويرة وبني حنيفة وغيرهم عندهم ، وقاتلي عثمان ، ومعاوية وعمرو بن العاص المستحلين دماء أهل بدر وحنين ، ووقوعه يحيل كون المقتدي بهم مهتديا.
ولأن ذلك يقتضي صواب مالك بن نويرة فيما فعله ومن اتبعه ، وأبي بكر وخالد فيما أتياه إليه ، وعثمان فيما صنعه بابن مسعود وعمار وأبي ذر وغيرهم ، وهم مصيبون في
__________________
(١) في النسخة : « المعتدين ».