وتبقية شباب ما يقتضي المصلحة فعله لكون ذلك موقوفا على مقدوره تعالى المعلوم حسن جميعه وتعلقه بمقدوره تعالى بغير شبهة على موحد.
وإنما استبعد ذلك ملحد يضيف التأثيرات إلى الطبائع أو الكواكب فأما من أثبت صانعا قادرا لنفسه فشبهته في ذلك ساقطة ولم يبق إلا استبعاده في العادة مع المنع من خرق العادات لغير الأنبياء عليهم السلام وكلا الأمرين ساقط.
أما استبعاده في العادة فالمعلوم خلافه.
لإجماع الأمة على طول عمر نوح عليه السلام وأنه عاش ألفا ومائتين وقد نطق القرآن بنبوته في قومه داعيا ( أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً ) ولا شبهة في وجوده حيا قبل الدعوة وبعد الطوفان.
وأجمع العلماء بالنقل على كون الخضر عليه السلام حيا باقيا إلى الآن وهو على ما وردت الروايات به من ولد الثاني (١) من ولد نوح عليه السلام ويكفي كونه صاحبا لموسى بن عمران عليه السلام باقيا إلى الآن.
وقد تواتر الخبر وأجمع أهل السيرة على طول عمر لقمان الحكيم عليه السلام وأنه عاش عمر سبعة أنسر وفيه يقول الأعشى ، شعر :
لنفسك أن تختار سبعة أنسر |
|
إذا ما مضى نسر خلوت إلى نسر |
فعمر حتى خال أن نسوره |
|
خلود وهل تبقى النفوس على الدهر |
وقال لأدناهن إذ حل ريشه |
|
هلكت وأهلكت بن عاد وما تدري |
وإنما اختلفوا في عمر النسر ففيهم من قال ألف سنة وفيهم من قال خمسمائة سنة وأقل ما روي أن عمر السبعة الأنسر الذي عاشه لقمان ألف وخمسون ومائة سنة.
وقد تناصرت الروايات بطول عمر سلمان الفارسي رضياللهعنه وأنه لقي من لقي المسيح عليه السلام وعاش إلى خلافة عمر بن الخطاب.
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) كنز الفوائد : ٢٤٩ ، المعمرون : ٤ ـ ٥ ، إكمال الدين ٢ : ٥٥٩.