ابن الجوزي فأجاد وأصاب.
ولنذكر الآن حديث ابن الجوزي عن معاصره ، وهو أخبر الناس به حيث عاشا سويّة في بغداد وكانا يتلاقيان كل يوم في مجالس الدرس وحلقات الحديث ، فقد اشتركا في كثير من الشيوخ ، نراه يصف لنا عبد المغيث بقوله : ما زلت أعرف هذا الشيخ بقلّة المعرفة للحديث ، إنّما يقرؤه ولا يعلم صحيحه من سقيمه ، ولا يفهم معناه ، فمذهبه في ذلك مذهب العوامّ أنّ كل حديث يروى ويسند ينبغي أن يكون صحيحا.
وهو مع قلّة علمه وعدم فهمه معه عصبيّة يسمّيها سنّة ، ومن البليّة عذل من لا يرعوي عن غيّه وخطاب من لا يفهم ، والكلام مع مثل هذا صعب لقلّة فهمه وفقهه (١) ...
وقال عنه أيضا : شيخ قد قرأ أحاديث مرويّة ولم يخرج من العصبية العامية ... وصنّف جزءا لينتصر فيه ليزيد! (٢).
وقال أيضا : ما زلت أعرف هذا الشيخ بقلّة العلم والفهم ، وإنّما يحدّث من يفهم (٣).
وقال : وهذا الشيخ لا يعرف المنقولات ولا يفهم المعقولات ، لكنّه قرأ الحديث ولا يعرف صحيحه من سقيمه ، ولا مقطوعه من موصوله ، ولا تابعيّا من صحابي ، ولا ناسخا من منسوخ ، ولا كيفية الجمع بين الحديثين ، ومعه عصبية عاميّة ، فإذا رأى حديثا يوافق هواه تمسّك به (٤).
__________________
(١) آفة أصحاب الحديث لابن الجوزي : ٥٣.
(٢) الردّ على المتعصّب : ٧.
(٣) الردّ على المتعصّب : ٨.
(٤) الردّ على المتعصّب : ٨ ـ ٩.