وقد صحّحه من عدّة وجوه من يعترفون له بامامته في الفنّ وتفرّده في الدنيا (١) وهو الحاكم النيشابوري ، نعم نرى الذهبي وهذه الكثرة الهائلة من طرق حديث الطير والأسانيد والروايات قد ملأت عينه ، فاعترف بأنّ الحديث له أصل.
قال : وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّا! قد أفردتها بمصنّف ، ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل (٢).
بينما نرى ابن كثير بعد أن خصّص أربع صفحات كبار من تاريخه ملأها بطرق هذا الحديث وأسانيده ورواته ، وسرد أسماء نحو المائة ممّن رواه عن أنس فحسب ـ كما تقدّم ـ قال بعد هذا كله : وبالجملة ففي القلب من صحّة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه!! (٣).
أقول : هذا قلب زاغ عن الحقّ فأزاغه الله وطبع عليه ، فلم تطاوعه نفسه على تصحيح حديث لا يوافق هواه! ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ ) (٤) ( فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى ) (٥) وما ذا تأمل من شاميّ تلمّذ على شيخ الضلال ابن تيمية المخذول؟!
وتراهم يبذلون كلّ الجهد في إبطال ما يروى في فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام وتضعيفه مهما صحّ الحديث وكثرت رواته وطرقه وتواتر نقله.
وأمّا إذا فشل السعي وأعيتهم المقاييس العلمية فلهم عند ذلك أدلّة
__________________
(١) راجع ما نقلناه عنهم من الثناء عليه.
(٢) تذكرة الحفّاظ : ١٠٤٢ ـ ١٠٤٣.
(٣) البداية والنهاية ٧ / ٣٥٣.
(٤) سورة الجاثية ، الآية ٢٣.
(٥) سورة طه ، الآية ١٦.