وكانت السنّة شعاره ، ولا يمسّ الحديث إلاّ متوضّئا ... (١).
ثم نشر الله تعالى ذكره في الآفاق ، وعظم شأنه في قلوب الملوك وأرباب المناصب الدنيويّة والعلميّة والعوام ، وحتّى أنّه كان يمرّ بهمدان فلا يبقى أحد رآه إلاّ قام ، ودعا له ، حتّى الصبيان واليهود ... (٢).
أقول : وكان من الحشمة والجلالة والشوكة بحيث أنّ السلطان السلجوقي محمّد بن محمود بن ملكشاه لمّا ورد همدان زار أبا العلاء في داره وجلس بين يديه ، فنصحه أبو العلاء كثيرا ووعظه ، وكان مقبلا عليه مصغيا إلى كلامه (٣).
وكتب إليه المقتفي كتابا من جملته : وبعد فإنّ الأبّ القدّيس النفيس خامس أولي العزم! وسابع السبعة على الحزم ، وارث علم الأنبياء! حافظ شرع المصطفى ... (٤).
واستدعاه المقتفي العبّاسي ، فلمّا أدخل عليه كان يأمره خواصّ الخليفة بتقبيل الأرض في المواضع فأبى ولم يفعل ، وقام إليه الخليفة وأجلسه ثمّ كلّمه ساعة وسأل منه الدعاء فدعا ، وأذن له في الرجوع ، ولم يقبل منه صلة ولا خلعة ، وخرج من بغداد حذرا من أن يفتتن بالدنيا (٥).
فسار مسير الشمس في كلّ موطن |
|
وهبّ هبوب الريح في الشرق والغرب |
وله في المعاجم وكتب التراجم ترجمة حسنة وثناء كثيرا اقتصرنا على ما اقتطفناه منها ، قال الصفدي وجمع بعضهم كتابا في أخباره وأحواله
__________________
(١) روضات الجنّات [ ٣ / ٩١ ].
(٢) الرهاوي ، وعنه تذكرة الحفّاظ [ : ١٣٢٦ ] وذيل طبقات الحنابلة [ ١ / ٣٢٦ ].
(٣) راجع معجم الادباء ٣ / ٢٩ ، [ و ٨ / ١٢ طبعة دار الفكر ـ بيروت ].
(٤) معجم الأدباء ٣ / ٢٨ ، [ ٨ / ١١ طبعة دار الفكر ـ بيروت ].
(٥) راجع معجم الادباء ٣ / ٢٩ ، [ ٨ / ١١ ـ ١٢ طبعة دار الفكر ـ بيروت ]