من دون أخذٍ وردٍّ (١). ولكنّ هذه الروايات تتعارض مع ما أورده أهل السنّة من رواياتٍ صحيحة ، وهذا ما سنوضّحه.
جدير ذكره أن الأنصار ، كانوا ممن يتحلىٰ بالرأي والنظر ، وكان النبي صلىاللهعليهوآله يعتمد رأيهم في بعض الحروب (٢).
وقد أشار أبو بكر أيضاً في السقيفة إلى روايةٍ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله تدلّ على عظمة الأنصار ، حيث قال صلىاللهعليهوآله فيهم : « لو سلك الناس وادياً وسلكتِ الأنصار وادياً سلكتُ وادي الأنصار » (٣).
وعلى هذا الأساس لا يمكننا تصور الأنصار وكأنّهم لا يفهمون ولا يدركون ولا يعون شيئاً ، وأنّهم كانوا ينوون بيعة سعدٍ لمجرد خفاء الحكم الصحيح ، وحينما قام أبو بكر بالكشف عن ذلك الحكم أذعن الجميع. أوَ ليس مثل هذا الكلام يجانب الحقيقة ؟! ثم ألا يعدّ ذلك تحقيراً للأنصار وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟! وهل كان الأنصار على مستوىً من الجهل بحيث يشعرون بالحاجة إلى بعض كلماتٍ من أبي بكر ؟
ولو غضضنا الطرف عن كل ذلك فلم يكن في كلام أبي بكرٍ في السقيفة ما يجهله الأنصار. وينبغي أن نسأل المستشكل : ما هو الحكم
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٨.
(٢) يراجع : الطبقات الكبرىٰ ٣ : ٥٦٧ في الحديث عن الحباب بن المنذر.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٨ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٣.