الذي كان يلفّه الخفاء وقد أظهره أبو بكر للأنصار ؟ لقد تناول في حديثه فضائل الأنصار وجهادهم ، وهي قضايا عاشوها وأحاطوا بها أكثر من أبي بكر. وأمّا أنّ أبا بكر وعمر كانت لهم قرابة سببية من النبي صلىاللهعليهوآله فهي ممّا يعلمها الجميع.
ولم يكن الأنصار يجهلون أنّ قريشاً ولاة الأمر كما جاء في مضمون روايةٍ ذكرها المستشكل (١) ، فالرواية تقول : إنّ سعد بن عبادة قد سمع ذلك فيما سبق ، فصدّق أبا بكر (٢) ، فما هو الحكم الذي خفي على الأنصار ممّا أدّىٰ إلى أن يكشف أبو بكر النقاب عنه ؟!
وأمّا دعواه الثانية والتي قال فيها : « لما بيّن لهم أبو بكر الحكم
__________________
(١) مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري : ١١٦.
(٢) ربّما يقال : إنّ هذا الحديث سمعه أبو بكر وسعد بن عبادة دون غيرهما. والجواب : لم يكن الأمر كما يقال :
وذلك أولاً : إذا كان اتّباع هذا الحكم واجباً على الجميع فلماذا لم يبيّنه النبي صلىاللهعليهوآله للملأ ؟
وثانياً : إذا كان سعد علىٰ علم بالحديث من قبلُ فلماذا كان يحاول الوصول الى السلطة وعلى خلاف الحديث ؟
وثالثاً : لماذا لم يُطلِع سعد الآخرين عن الحديث قبل أبي بكر ؟
فهذه الدعوىٰ إذن تمثّل اتّهاماً للنبيّ بالتقصير في أداء رسالته ، واتّهام بعض الأصحاب بطلب الرئاسة وذلك من قبل اُناس يرون الطعن بالصحابة طعناً بالنبي صلىاللهعليهوآله .