وينتقض عليكم أمركم ، [ فإن ] أبىٰ هؤلاء إلاَّ ما سمعتم فمنّا أمير ومنهم أمير.
فقال عمر : هيهات ، لا يجتمع اثنان في قرن (١) ! والله لا ترضى العرب أن يؤمّروكم ونبيها من غيركم ، ولكنّ العرب لا تمتنع أن تولّي أمرها من كانت النبوّة فيهم وولي أمورهم منهم ، ولنا بذلك علىٰ من أبىٰ من العرب الحجّة الظاهرة والسلطان المبين ، من ذا ينازعنا سلطان محمدٍ وإماراته ، ونحن أولياؤه وعشيرته ؟ إلاّ مدلٍ بباطل ، أو متجانف لإثم ، ومتوِّرط في هلكة !
فقام الحُباب بن المنذر فقال : يا معشر الأنصار ، أملكو على أيديكم ، ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، فإن أبوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد ، وتولّوا عليهم هذه الاُمور ، فأنتم والله أحقُّ بهذا الأمر منهم ، فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممّن لم يكن يدين ، أنا جذيلها المحكَّك ، وعذيقها المرجَّب ! أما والله لئن شئتم لنعيدنّها جذعةً ؛ فقال عمر : إذاً يقتلك الله ! قال : بل أياك يقتل !
فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار ، إنّكم أوّل من نصره وآزر ، فلا تكونوا أوّل من بدّل وغيّر.
__________________
(١) وفي بعض الروايات : « لا يجتمع سيفان في غمد ». السقيفة وفدك : ٥٨ ، الإمامة والسياسة : ٢٥.