مأمنٍ منهم ، وليس اُولئك سوىٰ بني اُمية وأتباعهم. فالأنصار لم يراودهم الخوف من أبي بكر (١) ، ولكنّ وجوه الأنصار والواعين منهم ـ كالحبّاب بن المنذر ـ يعتقدون بأنّ المسيرة إذا قادها اليوم أشخاص كأبي بكر فسوف يؤول أمرها إلى أفرادٍ على طرف النقيض من الأنصار ، ولن يَدَعوا الأنصار يرفلون بالأمن.
إنّ القراءة المستقبلية للحبّاب بن المنذر جديرة بالتحسين ، فما تحسّب منه قد وقع علىٰ مرور الأيام ، فلم تمضِ إلاّ فترة قليلة حتى اعتلى منابر المسلمين أبناء الطلقاء ، وجرّعوا المسلمين وأهل بيت النبي عليهمالسلام الغُصَص ، وجرّوا على الإسلام وأهله الويلات ، ولو لم يكن من فعالهم إلاّ حادثة كربلاء الفجيعة والمروعة لكفىٰ.
٤ ـ لقد كان اجتماع الأنصار في السقيفة سرّياً ، فلم يُطلِعوا أحداً على ذلك ، فإذا كانوا يبغون تعيين خليفةً للمسلمين فليس من المناسب أن يعمدوا إلى عقد اجتماعٍ خاصٍّ. وهذا يعني أنهم بعد عقدهم السقيفة تراءىٰ لهم أن يعيّنوا الخليفة ، ولكنّهم كانوا على علمٍ أنّ مثل ذلك لم يواجَهَ بقبول جميع المسلمين. ويدل عليه : ما جاء في رواية أبي مخنف (٢) مِن أنّ الأنصار قالوا : فإن أبت مهاجرة قريش فقالوا : نحن المهاجرون ...
__________________
(١) الطبقات الكبرىٰ ٣ : ١٨٢.
(٢) تاريخ الطبري ٣ : ٢١٨ ـ ٢١٩.