فقد كان اجتماعهم أول الأمر وكما يظهر للبحث عن السبل الكفيلة بمعالجة أوضاعهم ، ثم آل الأمر إلىٰ اتخاذ قرارٍ يرتبط بتعيين الخليفة.
٥ ـ لقد تزعزت جبهة الأنصار بعد أن وعدهم أبو بكر بالوزارة ، وأخذ على نفسه أن لا يقضي دونهم أمراً (١) ، فلم ينطلِ كلامه على البعض ، كالحبّاب بن المنذر ، وسعد بن عبادة ، فقالوا : لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه. وما البعض كبشير بن سعد إلى أبي بكر حسداً لابن عمه سعد بن عبادة ، فكان أول من بايع أبا بكر (٢).
ولاح في الاُفق اختلاف آخر يضرب جذوره في أعماق الماضي يوم كان النزاع يدور بين الأوس والخزرج ، ليدفع الأوس إلى بيعة أبي بكر (٣) ، وحدث ما حدث.
يقول الشيخ المفيد في كلامٍ دقيق : « واتفق لأبي بكر ما اتفق ، لاختلاف الأنصار فيما بينهم ، وكراهة الطلقاء ، والمؤلّفة قلوبهم ، من تأخر الأمر ، حتىٰ يفرغ بنو هاشم ، فيستقر الأمر مقرّه ، فبايعوا أبا بكر
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ : ٢٢٠ ، الطبقات الكبرىٰ ٣ : ١٨٢.
(٢) نفس المصدر.
(٣) تاريخ الطبري ٣ : ٢٢١.