٢ ـ سؤال : ومع ذلك فإن لفرضية الصدفة أيضا أنصارا أقوياء ، فما الذي جعلك تفضل فرضية المهندس الأكبر؟
جواب : الأمل حداني إلى ذلك. إن فرضية الصدفة مقلقة ، فمن خلالها لا يكون للكون ولا لوجود الإنسان معنى. وهذا ما يشرح يأس بعض المفكرين أمثال « جاك مونود » (١) الذي كتب : « الإنسان ضائع في الكون الواسع اللامبالي الذي خرج منه صدفة » ، أو الفيزيائي الأميركي « وايبرغ » ( Weiberg ) الذي قال : « كلما فهمنا الكون بدا لنا خاليا من المعنى ». ومنذ عشرين سنة ثار بعض الفيزيائيين ضد هذه الوضعية ، فبالنسبة إليهم من الخطأ الاعتقاد بأن الإنسان ظهر صدفة في كون لا مبال ، بل على العكس هم يعتبرون الكون والإنسان في علاقة حميمة ، وإذا وصل الكون إلى ما هو عليه الآن فلأن الإنسان موجود يراقبه ويسأل نفسه.
إن وجود الإنسان مكتوب في خصائص كل ذرّة من الكون وفي القواعد الفيزيائية التي تنظّم الكون ، فالإنسان والكون مترابطان ترابطا لا ينفصم ، ففي الكون جميع الميزات المطلوبة لظهور مخلوق واع وعاقل كما يقول عالم الفلك « براند كارتر » (Brand Carter) الذي قال بمبدإ « الأنتروبي » (Principe Anthropique) ، أي بمبدإ الإنسانية في الكون. وهكذا فالأمل يولد من جديد فيكون لوجودنا معنى. يبقى أن نعرف إن كانت أفكار « كارتر » صحيحة؟ فإذا كانت النواميس التي أوجدت هذا الكون مختلفة عما كانت عليه ، هل كنا هنا لنتناقش؟ المسألة جديرة بالتدقيق. فعند ما يحاول باحث إثبات فرضية عليه إجراء تجارب ، ولكن ما العمل عند ما يتعلق الأمر بتجارب على نشأة الكون؟ إذ ليس من الممكن إجراء تجارب في المختبر عن قوانين الانفجار الكبير والنواميس التي حكمت نشأة الكون. فلكي نعيد الشروط التي كان عليها الكون في بدايته يجب بناء مسارع للجزئيات بقطر عدة سنين ضوئية وهذا شيء مستحيل. لكن
__________________
(١) طبيب معاصر حائز على جائزة نوبل في الطب.