كالجاذبية والقوة الكهرطيسية أو إحدى القوتين النووية الضعيفة والقوية ، نجدكم من الضروري أن تتوافر جميع المعطيات وبمنتهى الدقة لكي ينشأ كون كالكون الذي نعيش فيه. لقد حسبوا بالأرقام الدقة التي يجب أن تتوافر في النواميس التي كان عليها الكون في بدئه ليصل إلى ما هو عليه الآن. ولا أريد أن أعطي هذه الأرقام فهي لا تعني شيئا بالنسبة للقارئ العادي ، ولكن الدقة التي نظّمت العمليات التي تحكّمت في نشأة الكون ووصوله إلى ما هو عليه الآن هي شبيهة بدقة من يستطيع أن يصيب بسهمه هدفا مساحته سنتيمتر مربع واحد من مسافة تبعد خمسة عشر مليار سنة ضوئية هي حدود الكون الحالي ( السنة الضوئية تعادل عشرة آلاف مليار كلم تقريبا ).
٤ ـ سؤال : إذن إن مبدأ « الأنتروبي » الذي يقول بأن الكون وجد لخدمة الإنسان يمكن اعتباره ذا قيمة.
جواب : أعتقد ذلك ، فالإنسان على ضوء علم الكون الحديث يأخذ المكان الأول في الكون ، وليس مجرّد المكان المركزي في النظام الشمسي الذي كان يحتله قبل « كوبرنيك » (١). فلا يجب أن نخاف أمام ضخامة الكون فهي ضرورية لظهور الحياة ، وإذا كان الكون واسعا فلأنه وجد منذ مدة طويلة استلزمت مرور مليارات السنين تهيأت خلالها الشروط التي سمحت بظهورنا على مسرح الكون.
٥ ـ سؤال : إذن الإيمان والعلم يمكنهما أن يتصالحا من جديد بفضل علم الفلك الحديث. ولكن متى تخاصما؟
جواب : في القرن الثامن عشر حصل الطلاق بين العلم والدين (٢) ، ولكن الخلاف بينهما بدأ في القرن السادس عشر وفيه تعارضت الاكتشافات الأولى الكبيرة « لكوبرنيك » و « غاليله » مع تعاليم اللاهوت التي كانت تقول مع « توما الأكويني » (٣) بأن شكل الأرض كروي وأنها ثابتة في مركز الكون ،
__________________
(١) عالم فلكي بولندي ( ١٤٧٣ ـ ١٥٤٣ ) قال بدوران الأرض وبأنها ليست مركز الكون.
(٢) يعني بذلك الدين المسيحي ، وليس كل الأديان وخاصة الإسلام.
(٣) يسمّى بالقديس توما الأكويني أو « فم الذهب » ، وهو الذي دافع عن الدين المسيحي في القرن الثالث عشر الميلادي.