من ربّه ، وإخباته لخالقه ، ولينه ، وخشوعه ، ونحو ذلك.
ولاحظ أيضاً ما أسند إليه من رذائل الأخلاق من : تكبّره وختمه وطبعه وغلظته ، وشدّة خصومته مع ربّه ، وغفلته ، وغيظه ، وريبه ، ولهوه ، ورينه ، ونحو ذلك. وعلى هذا كان الأنسب أن يسمّى موضوع علم الأخلاق : الإنسان بما هو قلبه.
ثمّ لاحظ ما أسند إلى النفس في الكتاب الكريم من تكليفها بمقدار وسعها ومقدار ما آتاها ، وقبولها الإيمان ، وظلمها لنفسها وغيرها ، وأمرها بالسوء وكسبها الحسنات والسّيّئات ، وإلهامها فجورها وتقواها ، وارتهانها بما كسبت حتّى تفكّها ، ووسوستها لنفسها ، وتسويلها أمرها ، واتّباعها هواها ، ووقوعها تحت الحفظ والمراقبة من قبل ربّها ، وأخذها وتوفيتها عند النوم والموت ، وإمساكها أو إرسالها بعد الأخذ ، وإماتتها ووجدانها ما عملت يوم القيامة محضراً ، وتوفيتها بما كسبت ومجازاتها بما عملت ونحو ذلك.
وبالجملة : كأنّ هنا شخصين : أحدهما متّصف بصفات وملكات مختلفة قد وقع في معرض تعارضها وتزاحمها ويجرّه كلّ إلى مقتضاه ، فهو : إمّا من أكرم خلق الله وأشرف خليفته ، أو من أبعد مخلوقه وأشقى بريّته ، والآخر مخاطب بتكاليف مختار بين الطاعة والمعصية ، مسؤول في الدنيا والآخرة ، مجزىء بالثواب والعقاب. ولعلّ في هذا إشارة إلى أنّ الصفات ليست متعلّقة للتكاليف وإن كان لها دخل في متعلّقها ، لا أنّ هنا شخصين حقيقةً فتأمّل.