يختدمها وأدواتٍ يقلبها ، ومعرفةٍ يفرّق بها بين الحقّ والباطل ، والأذواق والمشامّ والألوان والأجناس ) (١).
ووصف علي عليهالسلام في نهج البلاغة قلب الإنسان وروحه بأنّ له موادّ من الحكمة وأضداد من خلافها ، فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع ، و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ ، وإن أسعده الرضا نسي التحفّظ ، وإن غاله الخوف شغله الحذر ، وإن اتّسع له الأمن استلبته الغرّة ، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى ـ (٢) الخ ـ.
ثمّ إنّه لا يخفى عليك أنّ الكلام في تشريح حقيقة الإنسان والنفس والروح رفيع المرقىٰ صعب المنال ، والأقوال ـ في كيفيّة خلقه وتكوينه بجسمه وبدنه فضلاً عن روحه ونفسه وأنّ روحه مخلوقة قبل الأبدان بألفي عامٍ أو أقلّ أو أكثر كما ورد بذلك نصوص كثيرة ، أو أنّها مخلوقة من الأبدان ومكوّنة عنها كما أشرنا إليه ـ كثيرة مختلفة ، بل قد تنتهي إلى عشرةٍ أو أكثر ، ولم يكن البحث في ذلك من أغراض هذا الكتاب. وكان ما ذكرنا من الآيات والنصوص وبعض الأقوال في ذلك إيضاحاً إجماليّاً بالمقدار الميسور لموضوع علم الأخلاق وموضوع البحث.
____________________________
١) نهج البلاغة : الخطبة ١.
٢) نهج البلاغة : الحكمة ١٠٨.