غنىً عن القلب ؟ قال : لا ، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بُني ، إنّ الجوارح إذا شكّت في شيءٍ شمّته أو رأته أو ذاقته أو سمعته أو لمسته ردّته إلى القلب فييقّن اليقين ويبطل الشكّ ، قلت : إنّما أقام الله القلب لشكّ الجوارح ؟ قال : نعم ، قلت : فلا بدّ من القلب وإلّا لم يستقم الجوارح قال : نعم ، فقلت : يا أبا مروان ، إنّ الله لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماماً يصحّح لهم الصحيح وييقّن ما شكّ فيه ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردّون إليهم شكّهم وحيرتهم. قال : فسكت ولم يقل شيئاً ) (١).
وفي خبر إبن سنان : ( إعلم : أنّ منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس الواجب الطاعة عليهم ، ألا ترىٰ أنّ جميع جوارح الجسد شُرَط للقلب وتراجمة له مؤدّية عنه ) (٢). الشرط كصرد جمع شرطة : أعوان الولاة.
وفي توحيد المفضّل : ( فكّر يا مفضّل في الأفعال التي جعلت في الإنسان من الطعم والنوم والجماع وما دبّر فيها ، فإنّه جعل لكلّ واحدٍ منها في انطباع نفسه محرّك يقتضيه ويستحثّ به ، وقال : فانظر كيف جعل لكلّ واحدٍ من هذه الأفعال التي بها قوام الإنسان وصلاحه محرّك من نفس الطبع يحرّكه كذلك ويحدوه عليه ) (٣) ويحدوه أي : يحثّه ويحرّكه.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ( سبحان الذي جمع من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها فمثلت إنساناً ذا أذهان يجيلها ، وفكرٍ يتصرّف بها ، وجوارح
____________________________
١) بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص ٢٤٩.
٢) علل الشرايع : ص ١٠٩ ـ بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص ٢٤٩ ـ ج ٧٠ ، ص ٥٣.
٣) توحيد المفضل : ص ٧٥ ـ بحار الأنوار : ج ٦١ ، ص ٢٥٥.