للإسلام وانفتاحه وسعته ، فصار لذلك على نورٍ من العلم والعمل. والقسوة في قباله انسداد القلب وضيقه وعدم تأثير العظات فيه. وقد أوعد الله تعالى جزاءها بالويل ، وهي بمعنى : القبح والشّر والهلاك ، فالمراد : إنشاء دعاءٍ من الله على قاسي القلب ، أو إخبار باستحقاقه ).
وقال تعالى : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) (١) ، وقوله تعالى : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ) (٢).
وورد في النصوص : أنّ القلب له لمّتان : لمّة من الشيطان ولمة من الملك ، فلمّة الملك : الرّقة والفهم ، ولمّة الشيطان : السهو والقسوة ، (٣) ( واللّمة بالفتح : الإلقاء والخطور ، فخطرات الخير فيه من الملك ، وخطرات الشّر من الشيطان ، ويتولّد من الأوّل فهم المعارف الإلهيّة ولين القلب لفعلها ، ومن الثاني غفلته عن الحقّ وقسوته ، فقوله : لمّة الملك الرّقّة : أي نتيجتها الرقّة أو علامتها ذلك.
وأنّ فيما ناجى الله تعالى به موسى : « يا موسى لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو قلبك ، والقاسي القلب منّي بعيد ». (٤) ( ولا إشكال في أنّ تطويل الأمل يدعو إلى الحركة نحو المأمول والسعي فيه وانصرافه القلب عن الحقّ والآخرة ، وعن عبادة الرّب والتقرّب إليه وهي تورث القسوة طبعاً ).
____________________________
١) البقرة : ٧٤.
٢) الحديد : ١٦.
٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٣٠ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٣٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٩ وج ٧٣ ، ص ٣٩٧ ـ مرآة العقول : ج ٩ ، ص ٣٨٣.
٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٢٩ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٣٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٩٨ ـ نور الثقلين : ج ١ ، ص ٩٢.