مستأمناً قبل فتح مكة : ( أسلم قبل أن تضرب عنقك ). فقال كلمة الإسلام ليحقن بها دمه ، ولم يتخل عن كفره وزندقته ، فخرج مع المسلمين في حرب حنين ، ومعه الأزلام يستقسم بها ، وقولته التي سمعها منه ابن الزبير يوم اليرموك كشفت عن دخيلته المنافقة ، وقد رواها أهل السير والتاريخ وأهل الأدب ، وهي كما في ( التذكرة الحمدونية ) ، و ( الإستيعاب ) ، و ( أسد الغابة ) ، في ترجمته :
( قال عبد الله بن الزبير : ... فرأيت جماعة من الطلقاء فيهم أبو سفيان بن حرب ، فوقفت معهم ، فكانت الروم إذا هزَمت المسلمين ، قال أبو سفيان : إيه بني الأصفر ، فإذا كشفهم المسلمون ، قال أبو سفيان :
وبنو الأصفر الكرام ملوك الروم |
|
لم يبق منهم مذكور |
فلمّا فتح الله على المسلمين حدثت أبي ، قال : قاتله الله ، أبى إلاّ نفاقاً ، أفلسنا خيراً له من بني الأصفر؟
ثم كان يأخذ بيدي فيطوف بي على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقول : حدّثهم ، فأحدّثهم فيعجبون من نفاقه ) (١).
أقول : وماذا قال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد سمعوا بكلمته التي قالها لعثمان لمّا ولي الأمر : ( يا عثمان إنّ الأمر أمر عالمية ، والملك ملك جاهلية ، فاجعل أوتاد الأرض بني أمية ، إنّ الخلافة صارت في تيم وعدي حتى
____________
١ ـ التذكرة الحمدونية ٩ / ١٧٠ ط صادر ، الإستيعاب ٤ / ١٦٧٩ ، اسد الغابة ٥ / ٢١٦.