دخلهم ، وحجة على من تركهم ، هم الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، تتصدع عنهم الأنهار المتشعبة ، وتنغلق عنهم الأقاويل الكاذبة ، يفوز من ركبها ويغرق من جانبها ، هم الحصن الحصين ، والنور المبين ، وهدى لقلوب المهتدين ، والبحار السابغة للشارين ، وأمان لمن تبعهم أجمعين ، إلى الله يدعون ، وبأمره يعملون ، وإلى آياته يرشدون ، فبهم يؤيد رسله ، وعليهم هبطت ملائكته ، وإليهم بعث الروح الأمين ، فضلاً من ربه ورحمة ، فضلهم بذلك ، وخصهم وضربهم مثلاً لخلقه ، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين من اليمن والبركة ، فروع الطيبة ، وأصول مباركة ، معدن الرحمة ، وورثة الأنبياء ، بقية النقباء ، وأوصياء الأوصياء ، فيهم الطيب ذكره المبارك اسمه أحمد الرّضي ، ورسوله الأمّي ، من الشجرة المباركة ، صحيح الأديم ، واضح البرهان ، والمبلّغ من بعده تبيان التأويل ومحكم التفسير ، عليّ بن أبي طالب عليه من الله الصلاة الرضية والزكاة السنية ، لا يحبّه إلاّ مؤمن تقي ، ولا يبغضه إلاّ منافق شقي.
قال : فلمّا سمع الأعرابي ذلك ضرب يده إلى قائم سيفه وقام مبادراً ، فضرب ابن عباس يده إليه ، وقال : إلى أين يا أعرابي؟
قال : أجالد القوم أو تذهب نفسي.
قال ابن عباس : أقعد يا أعرابي فإنّ لعليّ محبين لو قطعتهم إرباً أرباً ما أزدادوا له إلاّ حبّاً ، وإنّ لعليّ مبغضين لو ألعقتهم العسل ما أزدادوا إلاّ بغضاً.
قال : فقعد الأعرابي وخلع عليه ابن عباس حلتين حمراويين ) (١).
____________
١ ـ زين الفتى ، ونقله المحمودي في نهج السعادة / ٣٨١ ـ ٣٨٣ من الوصايا ط النعمان ١٣٨٥.