واستخفى في موضع فظفروا به وتفحصوا عنه فوجدوا له ثدياً كثدي النساء ، فقال عليّ رضياللهعنه عنه صدق الله وصدق رسوله وأمر بقتله فقتل ، وقد كان مرّ على النبيّ ذو الثدية وهو يقسم غنائم بدر فقال له : أعدل يا محمّد ، فقال له عليهالسلام : خبت وخسرت إذاً من يعدل ، ثم قال : ( إنّه يخرج من ضئضىء هذا قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) (١).
( هذه قصة المحكّمة الأولى ، وهم يكفرون بتكفيرهم عليّاً وعثمان وتكفيرهم فساق أهل الملّة ، ثم خرج بعدهم جماعة من الخوارج بأرض العراق فكان عليّ رضياللهعنه يبعث إليهم السرايا ويقاتلهم إلى أن استأثر الله بروحه ونقله إلى جنته ، وبقيت الخوارج على مذهب المحكّمة الأولى إلى أن ظهرت فتنة الأزارقة منهم ، فعند ذلك اختلفوا كما نذكره إن شاء الله تعالى ).
الفرقة الثانية : الأزارقة.
( منهم الأزارقة وهم أتباع رجل منهم يقال له أبو راشد نافع بن الأزرق الحنفي ، ولم يكن للخوارج قوم أكثر منهم عدداً ، وأشد منهم شوكة ، ولهم مقالات فارقوا بها المحكّمة الأولى ، وسائر الخوارج : منها أنّهم يقولون إنّ من خالفهم من هذه الأمّة فهو مشرك ، والمحكّمة كانوا يقولون أنّ مخالفهم كافر ولا يسمونه مشركاً ، وممّا اختصوا به أيضاً أنّهم يسمون من لم يهاجر إلى ديارهم من موافقيهم مشركاً وإن كان موافقاً لهم في مذهبهم ، وكان
____________
١ ـ أخرجه الشيخان وغيرهما بالفاظ متقاربة وعادة المصنف في الغالب رواية الحديث بالمعنى ، راجع جمع الفوائد ٢ / ٢٨٨.