ويبقى حديث العباس بن عبد المطلب رضياللهعنه حين جاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شاكياً قريش ، خير شاهد ، فقد رواه أحمد في مسنده ، وابن ماجة في سننه ، والحاكم في ( المستدرك ) ، وعنهما السيوطي في ( الخصائص الكبرى ) ، واللفظ للأوّل :
( عن العباس بن عبد المطلب ، قال : قلت يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ قريشاً إذا لقي بعضهم بعضاً لقوهم ببشر حسن ، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها.
قال : فغضب رسول الله غضباً شديداً ، وقال : ( والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبّكم لله ولرسوله ) (١).
فهذا عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقريش تبغض أهل البيت عليهمالسلام ، ومنهم علي عليهالسلام لأنّه من بني هاشم نسباً وحسباً ، وزاد الطين بلّة والقلوب علّة ، وجعله مستهدفاً أكثر من غيره تبغضه البطون القرشية الحاقدة التي قد منيت بالهزيمة في حروبها مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان عليّ عليهالسلام بطلها المغوار وبسيفه ذي الفقار ، أورد أوّلهم النار ، وألزم آخرهم العار ، كما قال الإمام زين العابدين عليهالسلام حيث سأله طاووس اليماني : ما بال قريش لا تحبّ علياً عليهالسلام ...! (٢).
وقد مرّت بنا في الحلقة الأولى بعض مواقف ابن عباس رضياللهعنه مع بعض رموز قريش النواصب ، فكان له الفضل والدالة عليهم ، كما في شفاعته لفتيان من قريش عند الإمام عليهالسلام وذلك بعد حرب الجمل ، وفي ذلك الحين تشفّع أيضاً لمروان ، فعفا الإمام عليهالسلام عنهم جميعاً ووبّخهم على خروجهم
____________
١ ـ أخرجه احمد في المسند ٣ / ٢٠٦ تحقيق شاكر وقال : اسناده صحيح.
٢ ـ أنظر تاريخ دمشق لابن عساكر ( ترجمة الإمام أمير المؤمينن عليهالسلام ) ٢ / ٢٩٩ ، بتحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي.