ابنه الحسن ، فبايعوه ورضوا به وبأخيه الحسين من بعده.
قال : فنادى الحسن في الناس فجمعهم في مسجد الكوفة ثمّ صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال :
( أيّها الناس إنّ الدنيا دار بلاء وفتنة ، وكلّ ما فيها فائل إلى زوال واضمحلال ، وقد نبأنا الله عنها لكي نعتبه وتقدم إلينا فيها بالوعيد لكي نزدجر ، فلا يكون له علينا حجة بعد الإعذار والإنذار ، فازهدوا فيما يفنى ، وارغبوا فيما يبقى ، وخافوا الله في السر والعلانية ، ألا وقد علمتم أنّ أمير المؤمنين عليّاً رحمة الله حيّاً وميتاً عاش بقدر ومات بأجل ، وإنّي أبايعكم على أن تحاربوا من حاربت وتسالموا من سالمت ).
فقال الناس : سمعنا وأطعنا ، فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين.
قال : فأقام الحسن بالكوفة بعد أبيه شهرين كاملين لا يُنفّذ إلى معاوية أحداً ، ولا ذكر المسير إلى الشام.
قال : وإذا بكتاب عبد الله بن عباس قد ورد عليه من البصرة فإذا فيه :
( لعبد الله الحسن أمير المؤمنين من عبد الله بن عباس ، أمّا بعد يا بن رسول الله فإنّ المسلمين ولّوك أمرهم بعد أبيك رضياللهعنه ( عليّ عليهالسلام ) وقد أنكروا أمر قعودك عن معاوية ، وطلبك لحقك ، فشمّر للحرب ، وجاهد عدوّك ، ودار ( وقارب ) أصحابك ، ( واشتر من الظنين دينه بما لا يثلم لك ديناً ) وولّ ( ووال ) أهل البيوتات والشرف ما تريد من الأعمال ، فإنّك تشتري بذلك قلوبهم ( وتستصلح به عشائرهم ، حتى يكون الناس جماعة ، فإنّ بعض ما يكره الناس ـ ما لم يتعدّ الحقّ وكانت عواقبه تؤدي إلى ظهور العدل وعز