الدين ـ خير من كثير ممّا يحبّه الناس ، إذا كانت عواقبه تدعو إلى ظهور الجور وذلّ المؤمنين ، وعز الفاجرين ) واقتد بما جاء عن أئمّة العدل من تأليف القلوب والإصلاح بين الناس ( فقد جاء عنهم أنّه لا يصلح الكذب إلاّ في حرب أو إصلاح بين الناس ) ، واعلم بأنّ الحرب خدعة ، ولك في ذلك سعة ( إذا ) ما كنت محارباً ( ما لم تبطل حقاً ) ما لم ينتقص مسلماً حقاً هو له.
( واعلم ) وقد علمت أنّ أباك عليّاً إنّما رغب الناس عنه ( وصاروا ) إلى معاوية ، لأنّه واسى بينهم في الفيء ، وسوّى بينهم في العطاء ، فثقل ذلك عليهم.
واعلم أنّك تحاربُ من قد حارب الله ورسوله ( في إبتداء الإسلام ) حتى أظهره الله أمره ، فلمّا أسلموا ووحدّوا الربّ ، ومحق الله الشرك ، وأعزّ الدين ، وأظهروا الإيمان ، وقرءوا القرآن وهم بآياته مستهزئون ، وقاموا إلى الصلاة وهم كسالى ، وأدّوا الفرائض وهم لها كارهون ، فلمّا رأوا أنّه لا يعزّ في هذا الدين إلاّ الأتقياء الأبرار ، والعلماء الأخيار ، توسّموا أنفسهم بسيماء الصالحين ، ليظن بهم المسلمون خيراً ، وهم عن آيات الله معرضون ( فما زالوا بذلك حتى شركوهم في أماناتهم وقالوا : حسابهم على الله ، فإن كانوا صادقين فإخواننا في الدين ، وإن كانوا كاذبين كانوا بما اقترفوا هم الأخسرين ) وقد مُنيت أبا محمّد بأولئك القوم وأبنائهم وأشباههم ، والله ما زادهم طول العمر إلاّ غيّاً ، ولا زادهم في ذلك لأهل الدين إلاّ غشاً ( مقتاً ) فجاهدهم رحمك الله ، ولا ترضى منهم بالدنية ( ولا تقبل خسفاً ) فإنّ أباك عليّاً رضياللهعنه لم يجب إلى الحكومة في حقه حتى غُلب على أمره فأجاب ، وهو يعلم ( وأنّهم يعلمون ) أنّه أولى بالأمر أن حكم القوم بالعدل ، فلمّا حكموا