الحلقة الأولى (١) :
وشاع خبر إخراج ابن الزبير له عن مكة ، فعظم ذلك على المسلمين ، وورد إليه كتاب تسلية من محمّد بن الحنفية ـ الذي كان برضوى فيما أخال ، وربّما كان بعدُ في طريقه إياباً أو ذهاباً إلى الشام ـ جاء فيه :
( أمّا بعد فقد بلغني أنّ ابن الكاهلية ـ ابن الجاهلية ـ سيّرك إلى الطائف ، فرفع الله عزوجل اسمه بذلك لك ذكراً ، وأعظم لك أجراً ، وحطّ به عنك وزراً ، يا بن عم إنّما يبتلى الصالحون ، وإنّما تهدى الكرامة للأبرار ، ولو لم تؤجر إلاّ فيما نحبّ وتحبّ إذاً قلّ الأجر ، فاصبر فإنّ الله تعالى قد وعد الصابرين ، قال الله عزوجل : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ )(٢) ، وهذا ما لست أشك أنّه خير لك عند بارئك ، وعظم الله لك الصبر على البلوى والشكر في النعماء ، ولا أشمت بنا ولا بك عدواً إنّه على كلّ شيء قدير والسلام ).
فكتب إليه ابن عباس مجيباً عن ذلك :
( أمّا بعد فقد أتاني كتابك تعزّيني فيه على تسييري ، وتسأل ربّك جلّ اسمه أن يرفع لي به ذكراً ، وهو تعالى قادر على تضعيف الأجر ، والعائدة بالفضل ، والزيادة من الإحسان ، ما أحبّ أنّ الذي ركب منّي ابن الزبير كان ركبه منّي أعدى خلق الله لي ، إحتساباً ، وذلك في حسناتي
____________
١ ـ موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى ٥ / ٣٢٩ فما بعدها.
٢ ـ البقرة / ٢١٦.