مثله ، لا والله ما رأيت فارساً محدثاً يوزن به ، لرأيته يوماً ونحن معه بصفين وعلى رأسه عمامة سوداء وكأنّ عينيه سراجاً سليط تتوقدان من تحتهما ، يقف على شرذمة شرذمة يخطبهم ، حتى انتهى إلى نفر أنا فيهم ، وطلعت خيل لمعاوية لعنه الله تدعى بالكتيبة الشهباء عشرة آلاف دارع على عشرة آلاف أشهب ، فاقشعر الناس لها لمّا رأوها وانحاز بعضهم إلى بعض.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ( فيما النخع والخنع يا أهل العراق ، هل هي إلاّ أشخاص مائلة فيها قلوب طائرةٌ لو مستها سيوف أهل الحق لرأيتموها كجراد بقيعة سفته الريح في يوم عاصف ، ألا فاستشعروا الخشية ، وتجلببوا السكينة ، وأدّرعوا الصبر ، وغضّوا الأصوات ، وقلقلوا الأسياف في الأغماد قبل السلّة ، وأنظروا الخزر ، واطعنوا الشزر ، وكافحوا بالضبا ، وصلوا السيوف بالخطى ، والنبال بالرماح ، وعاودوا الكرّ ، واستحيوا من الفرّ فإنّه عار في الأعقاب ، ونار يوم الحساب ، فطيبوا عن أنفسكم نفساً ، وامشوا إلى الموت مشية سجحا ، فإنّكم بعين الله عزوجل ومع أخي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعليكم بهذا السرادق الأدلم ، والرواق المظلم ، واضربوا بثجه ، فإنّ الشيطان راقد في كسره ، نافش حضنيه ، مفترش ذراعيه ، قد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنكوص رجلاً ، فصمداً صمداً ، حتى ينجلي لكم عمود الحق ، وأنتم الأعلون والله معكم ، ولن يتركم أعمالكم ، ها أنا شادّ فشدوا ، ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ ، حَم ، لاَ يُنصَرُونَ ).
ثم حمل عليهم أمير المؤمنين ( صلى الله عليه وعلى ذريته الصلاة