قرارات قد يتخذها الخليفة فمثلا; كتب أبو بكر لعيينه بن حفص والأقرع بن حابس كتاباً ، فأخذاه إليّ لأشهد ، فلمّا شاهدت الكتاب لم يعجبني ، فتفلت فيه فوراً ومحوته ، فرجعا إلى أبي بكر وقالا له : والله لا ندري أأنت الأمير أم عمر؟
فقال أبو بكر : بل هو ، لو شاء كان.
ثمّ جئت إلى أبي بكر وقرعته بشدّة على هذا الكتاب.
فقال لي أبو بكر : فلقد قلت لك : إنّك أقوى منّي على هذا الأمر لكنّك غلبتني (١).
ولذلك فضّلت أن يكون هو الخليفة الأوّل ، وأنا معه أساعده وأُشير عليه ، ويكون الأمر لي من بعده ، وذلك بعد أن تكون الأُمور قد استقامت واستتبّت وسار كلّ شيء حسب ما خطّطت وبهدوء ، وأكون قد قمعت المعارضين ممّن لن يبايع واستملت البعض ، وكأنّ الأمر ليس لي وإنّما كنت أنفّذ ما يطلب منّي وحسب ، وقد فهم علىٌّ هذا منّي عندما أمرته أن يبايع أبا بكر فقال لي : « احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غداً » (٢) ، وهذا ما كان.
____________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٢ : ٥٩ ، كنز العمال للمتقي الهندي ٣ : ٩١٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٩ : ١٩٦.
٢ ـ الإمامة والسياسة لابن قتيبة : ١٨.