وهنا رجعت بذاكرتي إلى السقيفة ، فقد كان ثالثنا أبو عبيدة بن الجراح ، فقلت لو كان أبو عبيدة حيّاً لاستخلفته ، وبقي أمامي أوّل من بايع من المهاجرين وهو عثمان بن عفان ، ولأنّه هو الذي كتب عهد أبي بكر وقد جعلني فيه وأمضاه أبو بكر ، فأردت أن أُوصي له ، فدبّرت الأمر بنفسي ورتّبته حيث ينتهي إليه ، وأكون أمام الصحابة وبني هاشم قد جعلتها شورى ، لذلك قلت لمن كان عندي : إنّ رسول الله مات وهو راض عن هؤلاء الستّة من قريش : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف.
وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم على طريقتي ، ليختاروا بأنفسهم ، ثمّ قلت لهم : أكلكم يطمع في الخلافة بعدي! فوجموا ، فقلتها لهم ثانية ، فأجابني الزبير وقال : وما الذي يبعدنا منها! وليتها أنت فقمت بها ، ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.
فغضبت منه; لأنّه ذكّرني بوضعي في قريش سابقاً ، وإنّهم أسمى منّي وأقدم مني إسلاماً.
فقلت لهم : أفلا أخبركم عن أنفسكم!
فقال الزبير : قل ، فإنّا لو استعفيناك لم تعفنا.
فقلت : أمّا أنت يا زبير فوعق لَقِس ضجر مبرم لا تستقيم على وجه ، مؤمن الرضى ، كافر الغضب ، يوماً إنسان ويوماً شيطان ، ولعلّها