من يقع فىّ ، فهل تطيب نفسها بإفشاء الوصية وفيها كلّ الخير؟!
ثمّ هل كان رأيها أنّ الوصية لا تصحّ إلاّ عند الموت; كلا ، ولكن حجّة من يكابر الحقيقة داحضة كائناً من كان ، وقد قال الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم في محكم كتابه الحكيم : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصـيَّةُ ) (١).
فهل كانت أم المؤمنين تراه لكتاب الله مخالفاً؟ أو لأحكامه صادفاً؟
معاذ الله! وحاشا لله ، بل كانت تراه يقتفي أثره ، ويتبع سوره ، سباقاً إلى التعبّد بأوامره ونواهيه ، بالغاً كلّ غايات التعبّد بجميع ما فيه ، ولا شكّ في أنّها سمعته يقول : « ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به أن يبيت ليلتين إلاّ ووصيته مكتوبة عنده » (٢).
أو سمعت نحوه ، فإنّ أوامره الشديدة بالوصية ممّا لا ريب في صدوره منه ، ولا يجوز عليه ولا على غيره من الأنبياء ، أن يأمروا بالشيء ثمّ لا يأتمرون به أو يزجرون عن شيء ثمّ لا ينزجرون عنه ، تعالى الله عن إرسال من هذا شأنه علواً كبيراً.
____________
١ ـ البقرة : ١٨٠.
٢ ـ صحيح البخاري ٣ : ١٨٦ ، كتاب الوصية باب الوصايا ، صحيح مسلم ٥ : ٧٠ ، كتاب الوصية ، باب الوصية.