فأبوك أوّله ، وإن يكن جوراً فأبوك استبدّ به ونحن شركاؤه. فبهديه أخذنا ، وبفعله اقتدينا ، ولولا ما فعل ذلك به قبلنا ، ما احتذينا واقتدينا بفعاله ، فعب أباك بما بدا لك أو دع ، والسلام على من أناب ورجع عن غوايته وتاب (١).
ولمّا قتل الحسين ابني ، كتب عبد الله بن عمر رسالة إلى يزيد بن معاوية جاء فيها :
أما بعد ، فقد عظمت الرزيّة وجلّت المصيبة ، حدث في الإسلام حدث عظيم ، ولا يوم كيوم قتل الحسين.
فكتب إليه يزيد :
أما بعد ، يا أحمق ، فإنّا جئنا إلى بيوت مجدّدة وفرش ممهّدة ، ووسائد منضّدة ، فقاتلنا عنها. فإن يكن الحقّ لنا فعن حقّنا قاتلنا ، وإن كان الحقّ لغيرنا ، فأبوك أوّل من سنّ هذا واستأثر بالحقّ على أهله.
والغاية من إيرادي لرسالة محمّد بن أبي بكر ورد معاوية عليه ، ورسالة عبد الله بن عمر وردّ يزيد عليه ، إنّما هو لاعترافهم. بأنّ من أوصل لهم هذا الأمر هو من ابتزّني الخلافة وغصبني حقّي من بعد
____________
١ ـ أنساب الأشراف للبلاذري : ٣٩٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ : ١٨٩.