المفتي الإفتاء بمدلول الرواية من حيث كونه مدلولها.
وقضية تلك الحيثية أنه إذا تبين فسق الشهود تبين فساد الحكم ، وانه لا حكم هنا واقعا بل ظاهرا. كما لو تبين فسق الراوي للمقلد على مذهب مجتهده الذي يعتبر العدالة في الراوي ، فإنه لا شبهة في وجوب نقض الفتوى ماضيا ومستقبلا.
والحاصل ان فساد المستند في الحكم والفتوى بمثل اختلال هذا الشرط ـ أعني العدالة ـ يستلزم فساد الحكم وان شك في الخطأ الواقعي ، إذا ليس المفتي به والمحكوم به هو مدلول الامارة من حيث كونه مطابقا للواقع حتى يشك مع اختلال بعض شرائط القبول في صحة الحكم أو الفتوى ، بل هو من حيث كونه مدلولها.
وهذه الحيثية تنتفي عند بعض شرائط تلك الامارة ، فالحكم المستند إلى شهادة الزور أو شهادة الفاسق ليس بحكم متبع وإلزام نافذ في الواقع كالفتوى بمؤدي قول الفاسق مثلا عند مشترطي العدالة في الراوي ، بل الأمر في الشهادة أيضا كذلك ، إذا الشاهد لو علم مستند شهادته وفساده يجب متابعته مطلقا وان احتمل مطابقته للواقع ، فمن شهد بالفجر أو الهلال مستندا إلى شيء علم عدم صلاحيته للشهادة لم يجب قبول قوله.
والحاصل ان التعبد بمقتضى الامارات والأدلة الشرعية يرجع الى وجوب العمل بمؤدياتها من حيث كونها مستفادة منها لا من حيث المطابقة للواقع وعدمها ، فلا يعقل مع فسادها باختلال بعض شرائط العمل موضوع للتعبد الشرعي.
فظهر أن مقتضى القاعدة هو الاحتمال الثاني ـ أعني كون العدالة شرطا واقعيا ـ لان وجود الموضوع شرط واقعي لحكمه ، ولا يعقل أن يكون شرطا علميا الا بعد فرض عدم كونه هو الموضوع ، فمن حكم أو أفتى أو عمل بمؤدى البراءة المشروطة بعدم الناقل مع وجوده في الواقع وخطائه في الفحص خطأ