توضيحه : ان الفسق يحصل بالمعصية الكبيرة ، ولا بد فيما يحصل به من إحراز أمرين : أحدهما كونه معصية ، والثاني كونها كبيرة. والأول هو الذي قلنا باناطته على رأي الفاعل في الحل أو الحرمة ، وأما الثاني فالمناط فيه هو نظر من يريد ترتيب آثار العدالة من تزكية أو حكم أو غير هما ، وذلك لان المعصية تخرج عن كونها معصية بالجهل ، وأما الكبر والصغر فلا يؤثر فيهما الجهل.
مثلا : إذا قيل ان الكبيرة ما أوعد الله عليه النار ، فهذا المعنى لا يتغير بعلم الفاعل ولا بجهله بإيعاده تعالى ، فلو فعل فعلا معتقدا بكونه معصية غافلا عن كونه كبيرة أو جاهلا به أو معتقدا بكونه صغيرة فيجري عليه حكم فاعل الكبيرة من الاثار الوضعية عند العالم بالحال ، ولو انعكس ، انعكس.
فلو اعتقد الفاعل كونه كبيرة دون الحاكم أو المزكي أو غير هما ممن يريد ترتيب آثار الفسق والعدالة اما باعتبار الاختلاف في مفهوم الكبيرة ـ كما إذا كان رأي الفاعل أن كل ما أوعد الله عليه فهو كبيرة ـ وارتكب شيئا منها وكان رأي الحاكم أنها أخص من ذلك وانها خصوص ما أوعد الله عليه النار ، أو في مصداقها من جهة بعض الاشتباهات في الأدلة كما إذا اتفقا على أن الكبيرة ما أوعد الله عليه النار واختلفا في إيعاد النار على بعض المعاصي ـ كالغناء في غير مقام اللهو باعتبار دعوى النافي أن آية اللهو (١) التي استدل بها الامام عليهالسلام على كونه من الكبائر (٢) لا تعم ما كان منه في غير مقام اللهو ـ أو في مصداقها من جهة الشبهة الموضوعية الخارجية كما إذا كان معتقد الفاعل أنه يشرب خمرا ومعتقد الحاكم أو المزكي أنه شرب عصيرا محرما ، لم يحكم بفسقه في الصور الثلاث.
نعم يمكن التفسيق في الصورتين الأخير تين ، بناء على أن التجري في
__________________
(١) وهي قوله تعالى « وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ... » [ سورة لقمان : ٦ ].
(٢) الوسائل ج ١٢ ب ١٥ من أبواب ما يكتسب به ح ١.