توضيح المقام : انه إذا أخبر شخص فهاهنا أمور قابلة للتصديق : أحدها مطابقة الخبر لاعتقاده ، ومقابله تعمد الكذب. والثاني ثبوت مضمونه الذي قصده من الكلام واقعا في اعتقاده ، ومقابله السهو والخطأ في الاعتقاد. وثالثها ثبوت مضمونه واقعا بقول مطلق.
والأول لا كلام لنافيه. والثاني هو الذي يجب الحكم به ، ويسمى بالصدق الخبري ، لان الصدق ليس إلا مطابقة ما أراده المتكلم من الألفاظ للواقع لا مطابقة ما لم يقصد به. مثلا إذا قال « هذا ملك لزيد » فلا بد أولا من تحصيل مراده من هذا الكلام ثمَّ الحكم بمطابقته للواقع ، فلو علمنا أنه أراد بالملك ما وقع عليه المعاطاة وجب تصديقه في ذلك لا فيما لم يقصده ، أعني ما وقع عليه القصد مثلا ، فاذا كان البائع يرى عدم حصول الملك بالمعاطاة فكيف يحكم بحصول الملك الواقعي بمجرد اخباره بالملك. والثالث هو الذي ينفع في المقام.
ولا دليل عليهم كما عرفت ، لان دليل تصديق خبر العادل مركب من أمور لا يثبت المقصود في المقام :
( أحدها ) الحكم بعدم تعمده بالكذب ، وهو أمر ثابت بالكتاب والسنة بل الإجماع أيضا في الجملة.
( والثاني ) الحكم بعدم ارادته خلاف ظاهر كلامه ، لأنه من مقدمات الصدق الخبري أيضا وان لم يكن من مقدمات الصدق المخبرى ، وهذا يدل عليه أصالة الحقيقية.
( والثالث ) عدم اشتباهه وخطأه فيما يستند فيه الى الحسن دون الحدس والاجتهاد ، ولا ريب هنا أن السامع إذا حمل شهادته بالملك على ما يحصل بعد المعاطاة التي يرى المخبر سببيتها دون السامع مثلا لم يكن فيه مخالفة للمقدمة الأولى كما هو واضح ولا للمقدمة الثانية لعدم تجوز في أطراف الكلام حينئذ